تحميل كتاب أيام برلين الاخيرة – رواية pdf

وصف الكتاب

كتاب أيام برلين الاخيرة – رواية pdf تأليف عاطف فتحي .

من يطالع عنوان رواية «أيام برلين الأخيرة» للكاتب الروائي عاطف فتحي يتبادر إلى ذهنه كانطباع أولي أنها عملا تاريخيا أو سياسيا محضا لا سيما أن التصدير المكتوب على الغلاف يسرد وقائع سقوط برلين في تشرين الثاني/ نوفمبر من عام 1989 وانفتاح كل المعابر المؤدية إلى برلين الغربية أمام الألمان الشرقيين.

الرواية الواقعة في (157) صفحة من الحجم المتوسط تحفل بكثير من مشهيات الكتابة الأدبية وترسم خريطة إنسانية لمسار البطل الشرقي المسافر من القاهرة إلى العاصمة الألمانية برلين في بعثة دراسية تستهدف التثقيف والتأهيل للعب دور سياسي تنويري مهم يصب في صالح البرنامج العام لحياة الشاب المناضل الذي أل على نفسه بذل كل ما هو غالي ونفيس لتحقيق العدالة الاجتماعية في وطن يرزح ثلاثة أرباع سكانه تحت وطأة الفقر والجهل والمرض.

غاية نبيلة وهدف سامي تحول دون تحقيقهما تقلبات السياسة الغربية فقد تصادف مع وصول البطل للعاصمة الألمانية حدوث غليان سياسي راح يتفاقم ويتصاعد حتى وصل إلى الغاية المرجوة منه وهي إسقاط النظام القائم آنذاك في شرق ألمانيا وإلحاق تلك الدولة التي لم تستمر سوى أربعين عاما في ألمانيا الاتحادية بنصفها الغربي الرأسمالي لتتوحد ألمانيا مرة أخرى بعد أن انقسمت إلى دولتين في أعقاب الحرب العالمية الثانية 1939 – 1945.

كان طبيعيا إزاء هذه الظروف المفاجئة أن تنتهي رحلة البطل ويعود أدراجه حيث التحول الطارئ قد أفسد عليه كل خططه فلم تعد هناك إمكانية لمواصلة الدراسة أو حتى مجرد البقاء في بقعة تشتعل بالثورة وتسفر متغيراتها عن جديد في كل يوم لم يعبأ كاتب الرواية عاطف فتحي والذي يمثل هنا البطل الحقيقي لروايته حيث ما كتبه كان تسجيلا حيا ليومياته هو شخصيا إذ أن ما ورد في الرواية ليس إلا ملامح من سيرة ذاتية ارتبطت وقائعها بذلك المتغير السياسي للدولة العظمى حال وجوده بها وهو ما دفعه لرصد كثير من التفاصيل الحياتية لسكان برلين بعيدا عن زلزال التحول الذي لم يكن متوقعا حدوثه في هذه الأثناء.

يقول الكاتب فيما يشبه التوثيق او التأريخ بدأ سكان برلين القديمة يحلمون بها مرة أخرى بعد أن عانوا عقب وحدة الدولتين من البطالة والعمل بنظام نصف الوقت في ظل غلاء فاحش خلف شرائح من المهمشين الذين أخذوا ينقبون في صناديق القمامة عن بقايا الطعام لينقذوا أنفسهم من الموت جوعا وينامون على الأرض في أنفاق المترو عن الدفء في الليالي الثلجية ويستطرد لقد بدأ الحنين إلى برلين الشرقية بشوارعها القديمة وترامها الكلاسيكي ومطاعمها وحدائقها العتيقة وكذلك أسوارها العالية التي كانت تفصل الشرق عن الغرب بدت كأنها أطلالا شاهدة على زيف الحلم الرأسمالي وجنة الغرب التي طالما بشروا بها الآن بات الحنين عنوانا تمثله برلين كرمز للحلم الاشتراكي.

إرهاصات أو حقائق راودت خيال المواطن الألماني بعد سقوط السور القديم في الحلم بتحقيق العدالة والمساواة والإخاء كمطالب إنسانية أساسية يجب توافرها في أي مجتمع صحي.

وبين نقطة البدء في رحلة السفر البعيد وقرار العودة إلى الوطن الأم مسافة طويلة لم يضعها عاطف فتحي هباء ولكنه عمل خلالها على استحضار اللحظات الفارقة والاستمتاع بها فهما تذهب بلا عودة ومن ثم فإن إدراكها والتعايش معها من الفطن الذكية لمن يحب الحياة ويقبل عليها لذا فقد أخذ معه جهاز الاستديو كاسيت الصغير وبضعة أشرطة انتقاها لفيروز وبعض مقطوعات الموسيقى الكلاسيكية من بينها الفصول الأربعة لفيفا لدي وكونشرتو البيانو الثاني لرحما نينوف .. هكذا تزود المسافر بما يهوى وتهفو إليه روحه.

ومن الاستعداد للسفر بقلب يخفق لفراق بلاده ووطنه ويودع ذكرياته إلى صعود الطائرة وانتظار لحظة الإقلاع الصعبة كمقدمة للسير نحو المجهول تتداعى مراحل الاغتراب والوحدة والخوف مما هو آت ورويدا رويدا يهدأ الجزع ويألف البطل المجتمع الألماني تدريجيا فيذهب للبحث والاكتشاف ولكن صور الأهل والأصدقاء تترائى له ويمضي أوقات طويلا سارحا فيما يشغله ولم يقطع ذلك إلا خوف أخر لم يتبدد بعد فهو المسكون بالطموح والحلم لم يستطيع تجاوز مخاوفه برغم زخرف الحياة وإمارات الرفاهية غير المتوافرة في مجتمعاتنا والقادرة على إحداث الصدمة الحضارية واستمالة العقل للاندماج في الواقع الجديد واستغلال الفرصة للهو واللعب والتنزه إلا أن رغبة تحقيق الحلم في انجاز المهمة الدراسية التنظيمية كانت أكبر من أية مغريات أخرى.

ومع أن الحلم لم يتحقق كله لكن شيئا ما أعظم من السياسة والتنظيمات الحزبية قد ولد بداخل الرجل مع تجربة السفر والترحال والغربة تمثل في ذلك الإنسان الذي هو محور كل الأكوان والمجتمعات.

رآه هو في ألمانيا ومصر نفس الاحتياج ونفس المعاناة ونفس الآمال المرسومة على الجباه وفي العيون هذا المعني هو الأكثر صدقا وإقناعا في رواية تتحدث عن محل الإنسان البسيط من الإعراب في عالم تحكمه القوة ويهيمن عليه الأباطرة ولا يزال الانتظار عنوانه الأبرز.

 

تحميل الكتاب    قناتنا على تيليجرام        

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *