تحميل كتاب نبوة محمد من الشك إلى اليقين pdf لـ الدكتور فاضل صالح السامرائي

 

347fd 1833عنوان الكتاب:  نبوة محمد من الشك إلى اليقين

 

المؤلف: الدكتور فاضل صالح السامرائي


المترجم / المحقق: غير موجود


الناشر: مكتبة القدس و مكتبة البشائر


الطبعة: 2010


عدد الصفحات: 313



حول الكتاب:

إن موضوع هذا الكتاب يخص كل فرد من عقلاء خلق الله بلا استثناء، أقول موضوع هذا الكتاب ولا أقول هذا الكتاب، وذلك أنه يبحث في موضوع نبوة محمد (ص) الذي ادعى أن الله أرسله إلى الناس كافة يبلغهم منهاج ربهم وأنه خاتم الأنبياء والمرسلين وأن شرعه ناسخ لما مضى من الشرائع فمن أطاعه رضي الله عنه وجعله في سعادة دائمة وأدخله الجنة ومن عصاه كان في شقاء دائم وأدخله نارا وقودها الناس والحجارة.
وهذا موضوع خطير يخص كل فرد ويعنيه وجدير بكل فرد أن يتحقق من صدق هذا الادعاء ويتبينه ويوليه من الاهتمام أبلغه ومن البحث أصدقه حتى يقع على حقيقة الأمر.
وعليه أن يترك وهو في سبيل البحث والتمحيص كل نوع من أنواع الهوى والعصبية فإن ذلك أقرب ما يوصله إلى الحكم السليم.
ولماذا الهوى هنا ؟ ولمصلحة من يتعصب؟
 قد تكون في الهوى والعصبية مصلحة في غير هذا الموضوع أما في هذا الموضوع فالمصلحة الحقيقية لكل فرد أن يترك الهوى ويبحث إلى أن يقف على بينة الأمر، ثم فإنه ينبني على هذا الموضوع سلبا أو إيجابا تصحيح اعتقاد وتصحيح سلوك لأن المسألة مسألة مصير، مصير كل فرد بعينه.
وهذا موضوع طالما شغلني وأنا في أول الشباب ومقتبل العمر، وقد كان قبل هذه المسألة مسألة ( الإيمان بالله ).
 فإن الله سبحانه وهب لي عقلا متشككا أبلغ درجات الشك وقد كانت مسألة الإيمان بالله تبرحني وكان الهم يسيطر على نفسي وقلبي في الليل والنهار في النوم واليقظة ولا أبالغ إذا ما قلت إن هذه المسألة كانت تقطع علي النوم. وكثيرا ما كنت وأنا أسير في الطريق لا التفت إلى من يمر بي أو يسلم علي وكثيرا ما يمسك بي صديق فيقول : أين أنت يا فلان ؟ !فأستيقظ وأنا سائر وقد كنت غارقا في تفكير عميق.
وكنت أظن أنه ليس على وجه الأرض فرد مؤمن بل كلهم أناس يخفون شكوكهم وكمن أرى أن الناس كلهم ملحدون ولكن منهم من يجهر بإلحاده ومنهم من يبرقعه.
وكنت أظن أنه ليس ثمة شخص في الدنيا يتمكن من إقناعي بوجود الله. وكنت مستعدا أن أهب كل عزيز لمن يقيم لي الدليل على وجوده.
فإن هذه المسألة اخطر مسألة في الوجود في اعتقادي إذ كان يتنازعني أمران : اللذة والحرمان.
أأنتهز الفرصة وأنهب لذات الحياة وأتمتع بها ما استطعت كيف أشاء أم أتصبر وأسير في طريق الحرمان فلعل هناك إلها يدين الناس ويحاسبهم على أعمالهم؟
في أي درب أسير ؟ أفي طريق اللذة أم في طريق الحرمان؟
وكثيرا ما كنت مع نفسي في حوار طويل وأخذ ورد، في أي درب أسير، أأسير في طريق اللذائذ والشهوات فإنها فرصة لن تعود أم أتصبر وأحرم نفسي؟
وهل يصح ترك هذه اللذائذ لأمر محتمل غير محقق الوقوع ؟ !
ثم لا يلبث أن يصيح بي هاتف آخر: ويلك أصبر فلعلك تحاسب عما ستفعل. فأقف.
وأظن أن هذه الحال هي حال أكثر شبابنا اليوم.
بقيت في هذا الهم المقعد والحيرة القاتلة مدة غير قليلة ثم قررت، قررت أن أبحث حتى أصل إلى نتيجة مهما كلف الأمر من وقت وتضحية. وعزمت عزما أكيدا على السير في هذا الدرب مهما طال حتى أصل إلى شيء : إيمان أو إلحاد.
 وبدأت في البحث والتمحيص، ولا أكتم القارئ أني كنت أقرأ الكتب الضخمة فلا أرجع منها بشيء ولا أنتفع بكلمة ثم أتركها لأقرأ غيرها فما كانت تبل الظمأ ولا أرجع من حيرتي إلا حيرة أشد. واستمررت وأنا عازم على السير لا أكلّ ولا أفتر حتى فتح الله علي بالإيمان ومنّ باليقين لما علم من صدق عزمي على المضي وشدة رغبتي إلى الوصول.
وما زلت والله أذكر ( يوم الإيمان ) فوالله ما وجدت ساعة في حياتي أحلى من ساعة الإيمان ولا يوما أضوأ ولا أزهر من يوم الإيمان.
الوجود حولي كله تغير؛ الطير الشجر، والنهر والحجر، والكوكب والشمس والقمر. أحسست تجاوبا عميقا وصلة وثيقة بيني وبين هذا الوجود، لم كنت منقطعا عن ركب الوجود؟
نفسي اليوم غيرها بالأمس، أحسست كأني ولدت ولادة جديدة، كأني جئت إلى هذا الوجود من جديد.
أضاءت جوانب النفس وأشرقت حنايا الفؤاد وامتلأت نفسي بالنور، أحسست هذا النور حتى كدت أراه. ولت الظلمة هاربة. القيت عني الحمل الثقيل واستراح القلب وسكنت النفس وهدأ الضمير وشعرت بالأمن والاستقرار. وتنفست الصعداء.
رباه ! ما أحلى الإيمان !ما أعذب اليقين !ما أحلى عيش المؤمن وما أنكد عيش الملحد الكافر !!!
 رحماك يا رب … اللهم لا تسلبني نعمة الإيمان ولا تخلع عني رداء اليقين ومتعني به إلى يوم ألقاك.
 وكنت أرى أن علي أن أحافظ على هذا اللقي الثمين وأحصنه وأحميه من الضياع فكنت أقرأ عن عجائب مخلوقات الله وأطيل التفكر في آيات الله في الكون، فكنت أرى صنع الله متجليا في كل شيء في الزهرة الجميلة والعطر الفواح وفي الماء الجاري والكوكب اللائح والبدر المنير. رأيته في كل شيء وما كنت أراه في شيء . وكدت أهتف كما هتف الذي رأى صنع الله في الزهرة وذلك أن أحد علماء الأحياء بينما كان في مختبره هتف صائحا : رأيت الله !فاجتمع إليه تلاميذه وسألوه عن الأمر فقال : لا تراعوا فقد أراني المجهر في هذه الزهرة من دقة الصنع وبراعة الوضع ما حير عقلي وأخذ بلبي وأثبت لي أن هذا لا يمكن أن يحدث نتيجة فواعل طبيعية لا تدرك ما تصنع.
رأيت يد القدرة الخفية تمتد إلى كل شيء تحوطه بالعناية والرعاية.
 ومرت الأيام ثم برزت مشكلة أخرى أخف حملا من صاحبتها إلا أنها كانت تأخذ مني مبلغا كبيرا من الجهد والتفكير أيضا وتملأ صدري بدخان من الشك والارتياب.
 هذه المشكلة هي موضوع هذا الكتاب: هل محمد نبي أرسله الله حقا ؟ هل الإسلام وحده هو الدين المرضي عند الله ؟ لماذا لا تكون اليهودية أو النصرانية أو غيرهما ؟
 هذه المشكلة أخذت مني مأخذا غير قليل، وكنت أعزف عن الاستدلال بالقرآن ظنا مني أن ليس فيه دليل.
وقلت لا بد من السير في هذا الطريق أيضا فإن الله كما رحمني في الأول سيأخذ بيدي في الثانية ولن يضيعني واستعنت الله وطلبت منه الهداية والتوفيق.
وكنت أريد الدليل العقلي على نبوة محمد لا الدليل القرآني فقد كنت أرى أن القرآن دليل ادّعائي لا عقلي ، ثم وجدت وأنا سائر في هذا الطريق أن الدليل العقلي الذي أنشده هو في القرآن وأن أدلة القرآن عقلية لا إدعّائية تقنع طالب الحجة وصاحب البرهان.
ثم قرأت التوراة والإنجيل أكثر من مرة موازنا بينها وبين القرآن فوجدت القرآن اصفى اعتقادا وأنأى عن التشبيه والتمثيل وعما لا يليق بالله وبرسله، وجدت أن كلا من التوراة والإنجيل لا يعدو أن يكون كتاب سيرة اختلط فيه الحق والباطل وامتدت إليه يد التحريف – كما سنرى – وهذه الناحية برزت منذ القراءة الأولى ثم أعدت النظر في قراءتي حتى استقرت نفسي والحمد لله واطمأن القلب إلى سلامة ما  نحن عليه.
 وكنت أرى لزاما علي أن أنقل هذه التجربة إلى الآخرين أذ لا شك أن فيهم من عانى مثل ما عانيت فأضع في طريقه مصباحا أو اختصر عليه الطريق، فأنفع وانتفع. فكتبت ( نداء الروح ) – باكورة انتاجي – في الإيمان بالله واليوم الآخر وأجلت موضوع هذا البحث إلى الآن ولعل في تأجيله خيرا.
هذا هو السبب الأول في اختيار هذا الموضوع.
والسبب الاني لاختيار هذا البحث – وهو سبب مهم – أن هذا الموضوع موضوع رئيس ينبني عليه تصحيح اعتقاد وتصحيح سلوك – كما قلت -.
فإذا آمنا بصحة هذه القضية قلنا بكل ما يترتب عليها من أمور جزئية ورفض كل ما يخالف هذا الاعتقاد جملة وتفصيلا من دون تكليف أنفسنا في النظر في الجزئيات الكثيرة التي لا تكاد تنتهي.
 وهذه مسألة كبيرة وبخاصة في هذا العصر الذي تعددت فيه الفلسفات وتشعبت فيه المبادئ والأراء. فإن كل مناقشة كل جزئية وبحث كل فكرة أمر يطول ويطول فالأولى الرجوع إلى مناقشة الأساس الذي تقوم عليه هذه الجزئيات فإما أن يصح فيصح ما ينبنى عليه أو ينهار فينهار ما بني عليه. وبذلك نختر الطريق والجهود ونستفيد من الوقت.
 وهذا ما هدفنا إليه ها هنا أيضا فإنه إذا صحت نبوة محمد ( ص ) بالأدلة العقلية صح ما ينبني على هذا الاعتقاد جملة وتفصيلا من إيمان بأن الإسلام خير الأديان وخير المبادئ وأمثل الطرق وأنه لا نجاة إلا به وإن كل خطوة في غير هذا الطريق ضياع وضلال.
 وبذلك تتم الفائدة المتوخاة من أقصر سبيل وأصح سبيل أيضا.
وهذا هو السبب الثاني الرئيس للكتابة في هذا الموضوع.
وهما دافعان رئيسان كما ترى.
وأقول قبل إنهاء المقدمة أن القارئ قد يجد تعبيرات لا يرتاح إليها مثل قولنا ( أعلن محمد في القرآن ) أو ( ادعى محمد ) وما شابه ذلك وهذا مجاراة للخصم وهو نحو قوله تعالى : (( قل لا تسألون عما أجرمنا ولا نسأل عما تعملون )) فعبر عن نفسه بالإجرام، وقوله : (( وانا وإياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين )) ، فأرجوا ألا يضيق به القارئ ذرعا.
 
 
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *