تحميل كتاب موقع الثقافة pdf لـ هومي .ك. بابا

<strong>وصف الكتاب </strong>
أن تقرأ هومي بابا يعني أن تعيش تلك الحلظات من الغرابة المقلقة، على الحدود ما بين الثقافات والأمم والهويات والعوالم، في الممر الفاصل الواصل؛ على الجسر، في منطقة (الهجنة)، (التجاذب)، و(الانشطار) في الفترة الزمنية الفاصلة، وما لا يقبل الترجمة في الخفاء والعماء، وما لا يدرك، وذلك كيما تكتشف أن هذه اللحظات والأمكنة ذاتها هي زمنيات وفضاءات المعرفة، والإدراك، وقابلية الترجمة، حيث يجري تفاوض الهوية، وتنبع المقاومة، وتدجّل الجِدّة العالم.
أن تقرأ هومي بابا يعني ان تمضي حيث تأخذك توني موريسون، ونادين غوردايمر، ومحمود درويش، وديريك والكون، وعادل جوسّاوالا، ونهضة هارلم، ويعني أن تتواصل وتقطع، في آن واحد، مع فرانغز فانون، وميشيل فوكو، وجاك لاكان، وجاك ديريدا، وإدوارد سعيد، وجوليا كريستيفا وفردريك جيمسون، وجوزف كونراد، وإ.م. فوستر…، وأن تتحرك مع نثره من ترينيداد، مروراً بالكونغو، ودلهي، والضفة الغربية، ولندن، ونيويورك، وتاهيتي…، في مراحل تاريخية مختلفة، وعبر مختلف الفروع المعرفية، الفلسفة، وتاريخ الأدب، والنظرية السياسية، والتحليل النفسي…، بعد أن تكون قد تضلعت ما أمكن من كل تلك كيما تلتقط الوشم الذي تركه كل هؤلاء على هومي بابا دون أن يحول الوشم بينه وبين نقد أرباب هذه الفروع، أو دفعهم في مسالك ومجاهيل ما كانوا ليحلموا بها، فاتحاً حقولاً جديدة للبحث والدراسة.

أن تقرأ هومي بابا يعني أن تتورط في ذلك المنظور ما بعد الكولونيالي، أو الأقلوي، أو المهاجر الذي تعاد منه كتابة تاريخ الحداثة. فيما يراه هومي بابا هو أن تواريخ الكولونيالية، والاستعباد، والاستغلال، والتمييز الجنسي، والاضطهاد، والتراتب الطبقي.. لا تتكلم على شعوب أو طبقات أو مناطق بعينها مرتبطة بهذه التواريخ؛ بل تتكلم على التباينات الاجتماعية المشكلة للحداثة، تتكلم على يوميّ الحداثة، وما يساعدهنا عليه المنظور ما بعد الكولونيالي، او الأقلوي، هو التفكير في تلك الطرائق التي يفصح من خلالها عن التراتبات الاجتماعية وتفاوضاتها ضمن الحداثة.

بل إن بابا يساجل، بمعنى ما، ضد القول بأن الخطاب ما بعد الكولونيالي هو شكل من أشكال “ما بعد الحداثة”، ذلك أن اهتمامه منصب أكثر على إعادة التفكير بجينالوجيا الحداثة، ضدّ التيار. فسؤال بابا هو: ما الحداثة بالنسبة لأولئك الذين هم جزء من أداتها وقلمها، لكنهم لأسباب تتعلق بالعرق، أو الجنس، او الموقع الاقتصادي الاجتماعي تمّ إقصاؤهم عن معايير عقلانيتها أو صفتها الخاصة بالتقدم فراحوا يعيشون “بخلاف الحداثة” إنما ليس خارجها؟ وسؤال بابا هو: ما أشكال الهوية والفاعلية التي تبزغ من أكدار الحداثة ومنغصاتها وضروب قلقها؟

أن تقرأ هومي بابا يعني أن تسمع ذلك الاعتراف المدوي بان النظرية ما بعد الكولونيالية لا يمكنها تفادي بنى المعرفة الغربية، وإن سلطت نقدها على عماياتها وضروب انغلاقها. كما يعني ان تدرك أن موقع الثقافة اليوم لا يقع في لباب نقيّ من التراث؛ بل على حواف التماس بني الحضارات حيث تنطلق “بينيّة” و”هجنة” و”هويات” جديدة. فشاغل بابا الأساسي هو ذلك الإهمال الذي نال “التجاذب” الذي يتسم به موقع الثقافة والهوية، ذلك الإهمال الذي لا يقتصر على الممارسة الأوروبية للتحليل الثقافي بل يتعداها إلى الطرف الآخر الذي يفترض به العكس. وجهود بابا مكرسة لاستكشاف الموقع الثقافي الهجين والبينيّ، مدافعاً عن موقع نظري يفلت من ثنائيات الشرق والغرب، والذات والآخر، والسيد والعبد، والداخل والخارج، موقع يتغلب على الأسس المتعينة ويكشف عن فضاءٍ من لترجمة لا تكون فيه الهويات منسوبة إلى سمات ثقافية متعينة مسبقاً وغير قابلة للاختزال وقائمة خارج التاريخ. فالسيد والعبد أو المستعِر والمستعَر، لا يمكن النظر إلهيما، في عرف بابا، على أنهما كيانان منفصلان يحدد كل منهما ذاته على نحوٍ مستقل. والأمر، في عرف بابا، أن ثمة تواجهاً وتبادلاً متواصلين تؤدي فيهما الهوية الثقافية أداءً في زمن الحاضر، وفي فضاء “جدّي” هو موقع هجين يترك لـ”الاختلاف الثقافي” أن يبرز وينتج معارف ومعاني جديدة ويمكّن من بناء موضوع سياسي جديد ويمكّن من بناء موضوع سياسي جديد يغرّب توقعاتنا السياسية المعهودة ويغير الأشكال المألوفة لمعرفتنا بلحظة السياسة.

هذه لمحة عما يمكن أن تقرأه عند هومي بابا في كتابه هذا “موقع الثقافة” والذي أثار، بالإضافة إلى أعماله الأخرى، كثيراً من الاهتمام المتباين والخلافي. فقد وصف بأنه عمل يمضي بالنقد الثقافي إلى مناطق جديدة ومهمة بصورة حاسمة، تاركاً أثره البالغ على الطريقة التي ندرك من خلالها الممارسات الثقافية، وبانه واحد من المتون الأساسية في النظرية ما بعد الكولونيالية المعاصرة، واضعاً هومي بابا كواحد من أبرز المنظرين ما بعد الكولونياليين.

نبذة الناشر:
هومي بابا، أستاذ الأدب الإنجليزي والفن في جامعة شيكاغو، والموصوف بأنه واحد من بين العشرين مفكراً الأبرز في حقبتنا هذه، يعمل في هذا الكتاب على تحديد ما تعنيه الدراسات الكولونيالية والثقافية مدققاً في مصطلح ما بعد الكولونيالية ليس باعتباره انقضاء الحداثة بل إعادة تحديد موقعها.
ينزع بابا تلك الألفة التي تغلف المصطلحات التي نتقاذفها اليوم، مثل: التعددية الثقافية -التنوع الثقافي- تعدد الهويات… فلا يعود بمقدورنا استخدامها بنوع من الرضا والبداهة ودونما تفكير..

ليس هذا الكتاب مجرد استكشاف لأوضاع البلدان الكولونيالية وما بعد الكولونيالية، بل جلاء لديناميات السلطة والإخضاع والمقاومة.

أثار هذا الكتاب زوبعة من التعليقات بين مديح وذم، ولكنه بإثارته لهذه النقاشات أكد أهميته.

مناقشة الكتاب    تحميل الكتاب  

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *