تحميل كتاب عندما تتكلم الذات – دراسة pdf لـ د. محمد الباردي

BORE01 784

 كتاب عندما تتكلم الذات : السيرة الذانية في الأدب العربي – دراسة


المؤلف                    : محمد الباردي

اللغة                       : العربية

دار النشر                :اتحاد الكتاب العرب

سنة النشر             : 2005

عدد الصفحات        : 189

نوع الملف              : PDF

وصف الكتاب

الدكتور محمد الباردي مؤلف هذا الكتاب روائي وناقد تونسي ولد في قابس في العام 1947م. له عدد من الروايات منها: «الملاح والسفينة» و«مدينة الشموس الدافئة « و«على نار دافئة» و«جارتي تسحب ستارتها» و«الكرنفال».
كما صدر له في النقد: «حنا مينه روائي الكفاح والفرح» و«الرواية العربية والحداثة» و«في نظرية الرواية». يبحث كتابه الجديد في مفهوم السيرة الذاتية في الأدب العربي الحديث وإشكالية هذا الجنس الأدبي وشروطه ودوافعه وأشكاله محاولاً الوصول إلى تعريف جديد له.
يشير الباحث في المقدمة إلى أن كتاب «الأيام» لطه حسين وضع حجر الزاوية لأدب السيرة الذاتية، وكان أثره في الأدب العربي الحديث أشبه بأثر اعترافات روسو في الأدب الفرنسي في القرن التاسع عشر.
وقد ظهرت بعده نصوص عدة في مصر وفي البلاد العربية الأخرى لكنها لم تحسم الإشكاليات الفنية التي يطرحها هذا الجنس الأدبي الناشئ الذي سيظل في حالة التكون باحثاً عن مقوماته الفنية التي يمكن أن تضع الحدود بينه وبين الأجناس السردية الأخرى مثل الرواية والمذكرات واليوميات.
ويتوقف الباحث عند عدد من نصوص السيرة الذاتية التي يطلق عليها مصطلح: «نصوص التأسيس» وهي : «الأيام» لطه حسين، و«أنا» لعباس محمود العقاد، و«قصة حياة» لإبراهيم عبد القادر المازني، و«حياتي» لأحمد أمين، ويصل إلى أن هذه النصوص متنوعة في أساليبها ومختلفة في طرحها،
على الرغم من أن هدفا واحدا جمع بينها وهو الإحساس في لحظة من لحظات العمر بوطأة الزمن وبضرورة تسجيل مرحلة من مراحل الحياة تأكيداً للذات ودفعاً لشبح الموت وتتويجاً لمرحلة عمر أو قولاً حاسماً في بعض الآراء الجدلية التي واجهت هذا الكاتب أو ذاك في حياته السابقة.
إلا أن هذه النصوص المتقدمة كلها كما يقول الباحث لم تعرض على اللاحقين شكلاً نهائياً واضح المعالم، فلقد كان كتاب العقاد «أنا» جملة من المباحث تتعلق بمواضيع مختلفة تتصل بحياته وتجاربه في الحياة بأسلوب العالم حيناً والمحلل النفسي حيناً آخر والمفكر الفيلسوف أحياناً كثيرة.
ولذلك هي أقرب إلى التأملات في الحياة والوجود من أن تكون قصة حياة شخصية. وكذلك كانت قصة حياة المازني في قسمها الأخير خاصة، كما كان كتاب «حياتي» لأحمد أمين مزيجاً من السيرة الذاتية ومن المذكرات اليومية في شكله العام لينتهي إلى ما يشبه الرسم الذاتي.
ثم ينتقل الباحث إلى ما دعاه «نصوص التجاوز» فيتوقف عند حنا مينه في «بقايا صور»، ومحمد شكري في «الخبز الحافي» وعبد الرحمن بدوي في «سيرة حياتي» ورفعت السعيد في «مجرد ذكريات» وإدوارد سعيد في «خارج المكان» وفدوى طوقان في « رحلة جبلية..
رحلة صعبة » ونوال السعداوي في «أوراقي، حياتي» وعبد الله الطوخي في «سنين الحب والسجن» ومحمد العروسي المطوي في «رجع الصدى» وعبد القادر الجنابي في «تربية عبد القادر الجنابي».
ويرى من خلال هذه الأعمال أن الإشكاليات المتعلقة بطبيعة هذا الجنس الأدبي لم تحسم حسماً نهائياً، حيث ظلت السيرة الذاتية جنساً أدبياً في طور الإنجاز. وأن فهم هؤلاء الكتاب للسيرة ليس واحداً، وأسلوبهم في كتابتها لا يعكس تصوراً مشتركاً لحدود هذا الجنس الأدبي الحديث.
ولعل أنجح هذه السير الذاتية تلك التي كتبها الروائيون الرواد وجعلوا منها كتابة روائية وكأن السيرة الذاتية بالنسبة إليهم هي شكل روائي يخرج بهم من موضوع عام ليدخل بهم موضوعاً خاصاً.
أما النصوص التي كتبها الجيل الجديد من الروائيين جاءت نصوصاً فنية متكاملة فقد كان كتابها في هذه المرحلة على وعي فني بإشكاليات الجنس الأدبي وامتلكوا ناصية أساليبه وارتقوا بها إلى أعمال فنية كبرى اصطنعت قراءها ومتلقيها ومع ذلك ظلت بدورها نصوصاً إشكالية.
وتحت عنوان: «في شروط الكتابة» يشير الباحث إلى أن السيرة الذاتية تكتب مرة واحدة لا تتكرر، ولذلك يكون النص الذي كتبه صاحبه نصاً مهماً في حياته الأدبية والاجتماعية، يتوّج تجربة حياة تفوق الخمسين عاماً عادة، وهو يعلم أنه لن يعود إليها مرة أخرى.
ومثل هذه الكتابة غير عادية بالنسبة إلى الذي يكتبها والذي يقرؤها. وهي تخضع لشروط خاصة تتصل بفعل الكتابة لا الكتابة ذاتها، بالمناخ الوجودي والثقافي الذي يحيط بها لا بإنشائيتها، وهو ما يجعل منها جنساً أدبياً متميزاً محكوماً بأسئلة الزمان والمكان والموضوع :
متى وأين ولماذا ؟ كما أن كاتب السيرة الذاتية يكون عموماً قد بلغ من الخبرة ما يجعل سيرته قادرة على إثارة الفضول الضروري لدى قارئ يريد أن يعرف ما خفي من حياة هذا الكاتب أو هذه الكاتبة وأن يجد أجوبة عن أسئلة طرحتها المؤلفات التي كان قد قرأها أو سمع بها أو شاهدها.
ولكن هذه القاعدة ليست عامة، وهناك بعض كتاب السيرة الذاتية من غير المشهورين أيضا. أما عن «دوافع الكتابة» فيرى الباحث أن الأسباب التي تدعو الكتاب إلى تأليف سيرهم الذاتية عديدة.
فهي تعتبر في أغلب الأحيان قولاً حاسماً يتعلق بمسيرة حياة كاملة أو رداً غير مباشر على آراء جدلية تعرض لها المؤلف في حياته أو موقفاً تجاه قضايا تخص الوجود أو المجتمع أو السياسة.
كما تحقق السيرة الذاتية لمؤلفها لذة فنية فريدة تتمثل في فعل الكتابة ذاته، ذلك أن كاتب السيرة يتلذذ باستحضار الذكريات السعيدة التي عاشها من موقع حاضره الذي يعيشه.
كما يؤدي استحضار الذكرى دوراً يتعدى ذلك الإحساس باللذة الفنية منه إلى ضرب من العلاج النفسي، وهو ما عبر عنه إدوارد سعيد في «خارج المكان» بقوله : «لعبت ذاكرتي دوراً حاسماً في تمكيني من المقاومة خلال فترات المرض والعلاج والقلق الموهنة.
ففي كل يوم تقريباً، وأيضاً فيما أنا أؤلف نصوصاً أخرى، كانت مواعيدي مع هذه المخطوطة تمدني بتماسك وانضباط ممتعين ومتطلبين معاً». وحول «إنشائية السيرة الذاتية» وجواباً عن الخصائص الفنية التي تميزها عن غيرها من الأجناس السردية الأخرى.
يقول الباحث ما معناه إن السيرة ليست إلاّ شكلاً من أشكال السرد، لها مؤلف يكتبها وسارد يسردها وقارئ فضولي يقرؤها. ففيها مقام سردي ومقام كتابي وما تتميز به هو هذا الالتباس القائم بين المقامين.
فالسارد نظرياً ليس كائناً ورقياً من صنع المؤلف بل كائن أنطولوجي حقيقي هو المؤلف ذاته والقارئ ليس قارئاً مفترضاً يخاطبه السارد بل هو قارئ حقيقي يخاطبه المؤلف مبررا له حياته أو عارضا عليه شهادة أو اعترافا.
ولكن هذا المؤلف يتحول إلى سارد لأنه سيخضع مروياته لمقتضيات الفن والكتابة حتى يصل إلى مخاطبه ومن هنا فنحن إزاء مقامين متطابقين : مقام السرد ومقام الكتابة.
ثم يعرض الباحث عددا من الأمثلة توضح هذا الاستنتاج من خلال «بقايا صور» و«خارج المكان» و«أوراقي، حياتي» و«رحلة جبلية.. رحلة صعبة» و«الخبز الحافي» وغيرها من مؤلفات السيرة الذاتية.
وتحت عنوان «أشكال السيرة الذاتية» يبين الباحث أن السيرة لا تكتب بأسلوب واحد رغم الظواهر الإنشائية العديدة التي تشترك فيها. فهناك شكل اليوميات مثل «رحلة صعبة رحلة جبلية» لفدوى طوقان، وشكل المذكرات مثل :
«رجع الصدى» لمحمد العروسي المطوي، وشكل الرسم الذاتي مثل «ذكريات الأدب والحب» سهيل إدريس، وشكل الوقائع مثل : «سيرة حياتي» لعبد الرحمن بدوي، وشكل الرواية مثل : «بقايا صور» لحنا مينه.
ويخلص الباحث في خاتمة الكتاب إلى تعريف للسيرة يقول فيه: السيرة الذاتية هي حكي استعادي نثري بأشكال سردية متنوعة يقوم به شخص واقعي عن وجوده الخاص والعام، وذلك عندما يركز على حياته الفردية والجماعية وعلى تاريخ حياته الجزئي والكلي.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *