كتاب اقتصاد يغدق فقراً pdf المؤلف : هورست أفهيلد اللغة : العربية ترجمة : غير موجود سنة النشر : 2007 عدد الصفحات : 356 نوع الملف : PDF |
كتاب اقتصاد يغدق فقراً ؛ التحول من دولة التكافل الاجتماعي إلى المجتمع المنقسم على نفسه pdf تأليف هورست أفهيلد ترجمة الدكتور عدنان عباس علي .
في التاسع من نوفمبر عام 1989 انهار جدار برلين بالكامل. ولم يكن هناك مؤشر يوحي بهذا الحدث قط. ومنذ ذلك الحين انقلب الأمر رأسا على عقب، فالاقتراحات، التي بدت معقولة وسليمة، في الزمن السابق على انهيار الجدار، أمست ضلالا بينا وخطأ جليا بعد انهيار الجدار، وما كان ضلالا بينا وخطأ جليا في الزمن السابق على انهيار الجدار أمسى معقولا وسليما بعد ذلك الحدث العظيم. والملاحظ هو أن الليبرالية المحدثة أمست، منذ ذلك الحين، تصول وتجول زاعمة أن الانفتاح الاقتصادي أفضل الخيارات المتاحة لشعوب العالم. إلا أن تطبيق برنامج واحد على كل دول المعمورة، أي من الكونغو إلى كندا ومن المغرب إلى أستراليا، أدى إلى نتائج وخيمة في الكثير من البلدان، وتأسيسا على هذه الحقيقة فإن من واجب الدول أن تحدد لنفسها الخلطة المثلى للانفتاح والحماية. فهذه الخلطة تختلف اختلافا كبيرا من اقتصاد إلى آخر. كما أنها في تغير مستمر عبر الزمن. فما هو في مصلحة بلد ما في اليوم الحاضر، قد يكون وبالا عليه بعد حين من الزمن. ولهذا السبب لا يجوز فرض الانفتاح أو الحماية التجارية على دول العالم من خلال قرارات وقواعد وترتيبات تنبع من توجهات أيديولوجية معدة مسبقا، ومستنتجة من تحليل نظري ينطلق من شروط لا وجود لها على أرض الواقع.
إن كسر طوق الضغوط التي ينطوي عليها النظام الاقتصادي العالمي السائد حاليا يفرض على الجميع السعي بخطى حثيثة لإقامة نظام اقتصادي عالمي جديد يتألف من تكتلات اقتصادية منفتحة على نفسها داخليا، ومتعاونة بعضها مع بعض خارجيا، ولا يمكن الجزم مسبقا بالحجم الأمثل لكل واحد من هذه التكتلات. فشروط هذا الحجم تتغير مع مرور الزمن، وتختلف من اقتصاد إلى آخر بكل تأكيد.
وإذا ما صادف أن اقتنع السياسيون في يوم من الأيام بأن الاستمرار في تطبيق النهج الحالي يؤدي إلى تفكك وحدة المجتمعات، ويسبب تفاقم عدم المساواة بين الشرائح الاجتماعية، فستتغير، عندئذ، جميع المعايير بكل تأكيد. ولكن هل سيقتنع أصحاب الشأن فعلا بضلال نهجهم؟ ومتى سيقتنعون بهذا؟ إن ذلك رجم بالغيب بكل تأكيد. وليس لدى المرء سوى الأمل في أن يكون، عندئذ، متسع من الوقت للحيلولة دون سوء العاقبة. فالمجتمع الذي يرى أن الاقتصاد العالمي قد صار يسلبه كل أمل في غد أفضل لا ينتظر طويلا.