تحميل كتاب خمسة أصوات – رواية pdf لـ غائب طعمة فرمان

<strong>حول الكتاب </strong>
سعيد، ماذا تشرب؟ شاي، قهوة، لبن؟ أشكوك لا تلح، ولم يلح، بدا سعيد في وضع مرتبك، فلم يرد أن يزيد إرتباكه، قال له مجاملة: اشتريت الجريدة، ولكنني لم أفتحها حتى الآن؛ قال سعيد بهدوء خجول: فيها مقالة عن محنة المثقفين تناول الصحيفة، وفتحها، ورأى المقال بقلم سعيد: هل استطعت تشخيص المحنة، أم تشوقت بألفاظك الرنانة؟…
حاولت أن أعبر عن همومي، وما هي همومك؟ هي أنني مهدد دائماً، وأعيش ثقافياً على ما يرسمه الآخرون لي، وأحاط بالممنوعات والمحذورات، والحكام ينظرون إلي كمشبوه، قال عبد الخالق بحماس، هذه أول كلمة صادقة أسمعها منك، ورأى نظارة سعيد ينطفئ لمعانها حين أطرق سعيد ينظر إلى كعب حذائه المترب، إذا كان هناك كلمة صادقة فهي تكفّر عن مائة من أكاذيبي، فأشفق عليه عبد الخالق وقال مواسياً: أكاذيبك صغيرة، هناك أشخاص حياتهم كلها أكذوبة، فقال سعيد: ويتصورون الناس لا يعرفون ذلك، قال عبد الخالق: هؤلاء مقفلون كبار، رفع سعيد بصره وقال بحرارة: صحيح، عبد الخالق، ما رأيك بحالة كهذه: صديق تكشف فجأة أنه يكذب عليك، وعلى نفسه، وعلى كل الناس؟…

لا أستطيع أن أراه، هل تصارحه بالحقيقة، وتقول له: أنت كذاب؟ هل أبصق في وجهه، يعني تبصق على ذكرياتك معه، على كل الكلمات التي قلتها معه وبنيتها على تلك الأكذوبة، لا يهم… سأبصق ولو جف لعابي.

أما أنا فأحس بخجل شديد، ولما أتحمل خجل الناس إذا كانوا لا يخجلون؟ أبصق، وأسير في طريقي، أما أنا فلا أعرف، ربما لأنني أعتقد بأن كل واحد منا، إلى هذا المدى أو ذاك، يعيش حياتين: واحدة لنفسه يحاول أن يخفيها على الناس، وأخرى للناس يخفيها على نفسه، أليس هذا نوعاً من الكذب؟…

كذب… إذن فنحن أيضاً كذابون فلماذا يعير أعورٌ أعوراً؟… أنت تخلط في الأمور، هناك أناس يشعرون بكذب حياتهم وزيغها، ولكنهم مضطرون إلى الدوران في دائرة واحدة متحينين فرصة الكشف عن أنفسهم، ولكن هناك أناس كذابين حتى مع أنفسهم، ولكن هناك أناس كذابين حتى مع أنفسهم، هؤلاء الذين وجهت لهم بصقتي، صديقك من أي نوع؟…

تريث سعيد قبل أن يجيب: لا أعرف، ربما هو من النوع الذي يكذب على نفسه: أبصق عليه، إذن… ونحن؟ ألا نكب على أنفسنا؟ نكذب في بعض الأحيان إنقاذاً لأنفسنا من الإنهيار التام، ولكن الخوف أن يصبح الكذب نظام حياةً في مناخات تعكس حال المجتمع العراقي في التسينيات.

يمضي الروائي في سرد أحداثه متخذاً من بطله المحوري سعيد نموذج الشاب العراقي الذي يهرب من نفسه وأحلامه وطموحاته ليجدها بعيداً عن وطنه.

نبذة الناشر:
…كانوا خمسة: عراقيون في أواسط العمر، يجسدون الصراع مع أنفسهم ومع الآخرين في زمن عراقي يشرف على مفترق طرق خطير… كانوا يبحثون عن ذواتهم ومصائرهم في عالم يقف على أعتاب الستينيات من القرن الماضي… إنها رواية اجتماعية سياسية جديرة بأن تقرأ قراءة جديدة ثانية في ضوء عراق الألفية الثانية…

مناقشة الكتاب    تحميل الكتاب    

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *